وأنا في القطار.. أجلس وسط وجوه لا أعرفها.. الغضبان..النعسان.. القرفان..قولت لنفسي يلا آهي تلات سعات وتعدي... لكن بعد شوية اتضح إني شخص متفائل.. دي هتبقى ولا ست ساعات.... القطار يمشي شوية وبعدين يقف شويتين... أغلبنا انتهى من قراية الجورنال للمرة الثالثة.. وبدأت أف أفة الناس.. وشوية كلام حلو من اللي متحبش تسمعه...حاولت أنام شوية وصحتني رنة تليفون رخمة صاحبه نايم والناس كلها صحيت إلا هو... ابتديت أدقق فيوشوش الناس تاني..كأني بدور على صاحب قديم من أيام المدرسة.. أو قريب من بعيد ..أو زميل مهنة.. بدور على أشخاص جوه الأشخاص يرجعولي إحساس جوايا مش مفهوم.... واكتشفت إن كل الوشوش قربت من شكل واحد.. وكأن تكاسل القطار وحد المصريين في أمر ما أخيرًا..التململ والزهق.. إن القطار لا يتحرك.. المهم بدت الناس تتكلم بصوت عالي مع بعض أو كل واحد دور علي واحد يتكلم معاه.. ده مشرف مبيعات في شركة سمنة.. ودا صاحب أرض رايح يبيعها في القاهرة.. ودي مدرسة راجعة من الأجازة ..ودا مجند راجع الوحدة ..هربان من الكمسري وقاعد في الدرجة الأولى. ..وشوية وسمعت صوت مشرف المبيعات بيكلم المجند انت في أنهي وحدة؟ بتخرج في المظاهرات؟ معاك سلاح حي ولا غاز بس؟..... كل الاسئلة.. ردها واحد..لأ ..محصلش..معرفش.. ويزهق المشرف منه ويبص علي ولد واقف جنبة..طب إنت مجند زيه؟ فبسرعة يرد الولد لأ.. فيه إحساس جوايا إنه مش بيقول الحقيقة.. كأنه مش عاوز يسمع الأسئلة دي تاني.. لأن ردودها واحدة.. لأ..محصلش..معرفش!! أمال رايح مصر تعمل إيه؟ .."أزور واحد صحبي" .. ويتداخل مع صوته صوت المدرسة من بعيد شوية.. أيوة التليفون ها يقطع شحن.. أنا هانزل الجيزة بس مش عارفة ها أوصل إمتي... ويصيح الراجل الصعيدي" "أوف.. إيه الجرف ده.. أنا مش ها الحق المصلحة اليوم ده دي حاجة مرار"... وبعد خامس ساعة تليفونات كتير بطلت ترن و الكلمة اللي بعد ألو "مش عارف إمتي".. مابقتش تتقال والناس تحس إنها خلصت شحن هي كمان ومحدش قادر يتكلم..ومع ذلك ..فيه شخص عمال يضحك ويكركع من الضحك ..من كتر التعب..مش قادر أدور راسي أبص عليه..بس متخيل إنهحاطط سماعات في ودنه وبيتفرج علي حاجه في الآي باد.. أو أي جهاز معاه... والناس بدأت تضحك علي ضحكه.. أصل فيه ناس ضحكتها بتضحك.. شوية وكمان ال اي باد خلص شحنوتخلص الوصلة الترفيهية و ترجع الناس لوصلة تانية في الكلام لكن المرة دي في السياسة .. وكأن ده الموضوع اللي الكل بيسيبه للآخر.. الورقة الأخيرة اللي الناس بتفش فيها غلها بعد ما كل الأوبشنز تخلص.. ويحتد الحديث بينهم وصوتهم يعلي لحد لما سمعت صوت عجوز خشن يقول: "مش كفايه النيلة اللي إحنا فيها دي هتزودوها إنتوا كمان.. زمان كنتم بتتخانقوا علي أيام الملك.. و أيام عبد الناصر.. وبعدين أم كلثوم و أسمهان.. و بعديها السادات و عبد الناصر..و بعدها الأهلي و الزمالك.. وبعدها مبارك والإخوان و السيسي إيه يا ناس.. إنتم ايه.. شعب ما يعرفش غير الخلاف والخناق والزعيق؟!.. هي دي التسلية الوحيدة ليكم..ما تهمدو بقى وفروا طاقتكم دي للبيت ولا للشغل.. جاتكو القرف شعب نكدي يغم". .الناس بدأت تهدي فيه.. وكلام من نوعية: "حقك علينا ياحج".. "أدينا بنتكلم هو الكلام بفلوس" ..قعدت أفكر.. إزاي الشعب اللي بيقولوا عليه ابن نكتة يبقى شعب نكدي و يحب ينهي كل حواراته بالخناق؟ وليه لازم يكون يا فلان يا إما علاّن هو الصح؟!.. يعني ما ينفعش اتنين يكونوا صح في نفس الوقت؟!. ما ينفعش نقول أم كلثوم كان صوتها قوي لكن أسمهان كان صوتها جميل. وننهي الكلام علىكده؟..على الحقيقة؟!! إمتي و إزاي ها نتعلم نتناقش ونتقابل في منطقة في النص؟ عارفين إمتي ها نتعلم.. "لما الشيخ حسني بتاع فيلم الكيت كات يصدّق إنه أعمي"!
-سامح جندي
No comments:
Post a Comment