لم
أستطع عدم ذكر بعض المناظر المؤثرة التي
التقطت عيناي صور لها. ..كنت
نازلة على السلم..
ورأيت
فتاة صغيرة تقول لأمها التي لم تكن تصغىي
إليها "لما
أكبر وأبقى حلوة أكتر من أحمد.."..
ففهمت
إن ذلك الولد الماشي بجانبها الأشقر الشعر
و أزرق العينين اسمه "أحمد"..
فهذه
الطفلة تعيش على أمل أن تكون جميلة عند
كبرها ولا ترى أنها بالفعل جميلة كما
هي.فلا
بد أن أمها دائماً تقوم بمقارنتها بقريبها
الجميل..
فكلها
مقاييس سطحية ترسم لها صور مزيفة عن
طبيعتها..
وأنا
واقفة تحت هذا السلم المفرغ من الأسفل..
رأيت
طفل يبدو سنتين ممسك من جهة اليسار بيد
جدته و من الجهة الأخرى ممسك بيد أخته
الأكبر منه بسنتين..
كما
بدا لي..
كانت
رجلاه تتسابقان لتأخذا خطوة مسرعةً إلى
الأمام..
ابتسامته
الخالية من الأسنان الآتية من قلبه أنستني
كل تعب اليوم..
رأيت
في عينيه السعادة بنجاحه
و الإصرار على أن يكمل مشواره الذي لم يطل
عن ثلاثة أمتار..
كانت
أخته ممسكة بيده و أحشاءها مليئة بالمحبة
والتشجيع الصامت..
وجود
جدته بجانبه جعلني أرى جمال التناقض..
فهي
شبه تودع حياتها وتعطي كل ما عندها من
ابتسامات و حب لحفيدها الذي تغمره السعادة
لمجرد أنه اختبر شعور جديد..
شعور
بدأ حياة جديدة بالاستقلال.
لم
تمض بضعة ثوان حتى مرت ثلاثة بنات في سن
الأربعة عشر..
ترين
في أنفسهن أنهن جميلات..
مشيتهن
مممتلئة بالثقة بالنفس التي لم أستطع
تمييز زيفها أم حقيقة وجودها..
أجاب
هذا المشهد على الأسئلة التي دارت في بالي
بسبب قريبة أحمد.. فأحمر
الشفاه والشعر المسترسل كان هو أداتهن
للقبول الخارجي والثقة الزائفة..
إنها
مقاييسنا السطحية..
أو
ربما هي مرتبطة بعدم النضج لهذه المرحلة
العمرية..
وصل
ما انتظرته الجماهير..
و
صعدت لأركبه..
إنه
"المترو"..
لفت
نظري فتاة ممسكة بكتاب..
عينيها
تتلاهفان على التنقل بين السطور...
وأخرى
تمسك بمحمولها بلا مبالاة..
فلا
بد أنها تتصفح الشبكات الاجتماعية التي
لا تفرغ من الشكاوي ليلاً و نهارًا..
فهناك
من استثمرت وقتها في الإضافة إلى ما عندها
من معرفة وهناك من ملأت وقت فراغها بالمزيد
من الفراغ..
فالكثير
منا يختار الأسهل..
وتنتهي
حياته قبل أن يكتشف أنه أضاعها دون الوصول
لشيء..
انتهى
يومي..
وأنا
على وشك الوصول إلى بيتي العزيز..
أمامه
بقعة من الرماد وسطها نار متقدة صغيرة
الحجم...
بدت
لي هذه الشعلة كأنها تصارع..
تفعل
كل ما بوسعها لحرق المواد التي أشعلتها..
لكنها
لم تسطتع هزيمتها..فبقيت
رمادًا..و
كأنها استسلمت..
ربما
يكون هذا منظر عابر..
لا
يلفت النظر إليه..
فالكثير
من شوارعنا مزين بمثل هذه البقع الرمادية
المدخنة..
لكن
هذا الصراع علمني الاستمرار و التمسك بما
أنا مقتنعة به..
وأنه
يجب الحفاظ على العزيمة القوية.
فالألم
والتحديات تعلمنا قبل أن تعلم غيرنا..
وتشارك
في نضجنا..
إن
تفاصيل الحياة من حولنا والتي تلتقطها
أعينا كل يوم لهي غنية بالمعاني التي
تنتظر من يبحث عنها..
ليرى،
يتأمل..
يتعلم..
يتغير..
يقترب
إلى النضج.
سلام
سمير
جميلة
ReplyDelete