Tuesday, October 7, 2014

الخلاص


لم تكن تفكر يومًا أن الأمور قد تسوء أكثر مما كانت عليه..
لم تكن تفكر يومًا أن هناك أوضاع أكثر مأساوية من وضعها السابق..
لم تكن تفكر يومًا أن حلمها الجميل يمكن أن يتحول إلى كابوس مرعب..

لم تكن تفكر إلا فى كيفية الخلاص..

عاشت منذ أن تخطت سنواتها العشر تحت سلطوية الأب الخانقة.. عاشت حتى إلى أن أنهت تعليمها الجامعي.. و أصبحت قيد الإقامة الجبرية تحت رقابة صارمة وأوامر حازمة و عقاب رادع –أو هكذا يظنون- لأنه لم يردعها يومًا عن إرتكاب ما يحلو لها من أفعال.. أفعال لو علم بها الأب لفقد عقله إلى الأبد.. أفعال لم تكن تجرؤ هى نفسها على تخيلها.. و لكنها فعلتها!

لم تفكر طوال تلك الفترة من عمرها إلا في كيفية الرحيل و الهروب من بيت أبوها و قوانينه القاسية.. تتذكر عندما كانت في الرابعة عشر من عمرها كيف فكرت فى الخلاص من الحياة كلها للهروب من الحياة تحت سقف هذا البيت..
تتذكر كيف جبنت فى ذلك اليوم و كيف أكتشفت حبها للحياة و عدم قدرتها على التخلي عنها..

لم يكن هناك سوى وسيلة واحدة تسمح لها بتحقيق حلم الحرية.. وسيلة واحدة تتيح لها الخلاص من بيت أبوها و الإستقلال بحياتها و العيش تحت سقف خاص بها يُدار وفقا لقوانينها الخاصة بدون وصاية الأب.. كانت الوسيلة لوحيدة هي الزواج!

في البدء كانت تراودها أحلام الإستقلال.. وهي تتخيل نفسها وقد تزوجت من زميل الدراسة.. ذلك الزميل الذي تحولت صفته تدريجيا من زميل إلى حبيب..
على الرغم من إنها لم تكن أول علاقة لها إلا أنها شعرت أن هذه العلاقة قد تؤدى إلى الخلاص.. كل ما تحتاج إليه حاليًا هو إظهار المزيد من الحب له وانتظار التخرج حتى يتقدم لخطبتها من والدها.. و لكنها أفاقت من أحلامها على صوت حبيبها و هو يعترف لها بعدم قدرته على الزواج منها تنفيذًا لوصية والدته بالزواج من إحدى فتيات العائلة.

لم تنهار و لم تحزن و لم تصب بالإكتئاب بل أصبحت أكثر واقعية و منطقية.. فالحب لا مكان له فى الحياة.. الحب موجود فقط فى الروايات التي كانت تقرأها سرًا خوفًا من بطش أبيها.. و هكذا اتخذت القرار.. الموافقة على الزواج من أول شخص يطرق باب منزل والدها أيًّا كان.. و قد كان.

تتذكر كل هذا الآن بعد أن تزوجت من ابن صديقة أمها الذى رأته أول مرة يوم الخطوبة..
تتذكر كيف أُعجبت بأناقته..
تتذكر كلامه المعسول طوال فترة الخطوبة..
تتذكر يوم زفافها بالفستان الأبيض والفرح الذى بدا لها أسطوريًا وقتها..
تتذكر نظرات صديقاتها و ضحكاتهم و همساتهم الخبيثة في أذنيها..
تتذكر لحظة دخولها بيتها الخاص لأول مرة..
تتذكر شعور النشوة التي أجتاحتها بعد تحقق حلم حياتها و خلاصها من بيت أبوها..
تتذكر حينها كيف اعتقدت أن كل متاعبها انتهت إلى الأبد..

تتذكر كل هذا الآن بعد أن أدركت كيف كانت مخطئة حينها.. بعد أن أدركت أن أناقة زوجها و كلامه المعسول لم يكونا إلا مجرد واجهة زائفة تخفي خلفها إنسانًا بلا قلب.. بعد أن تحول البيت الذى حلمت به و الذى أسست كل ركن فيه واختارت أثاثه بنفسها إلى زنزانة تطبق على روحها بجدرانها الباردة..

تتذكر كل هذا الآن بعد أن انتهت مشاكلها الزوجية بالإنفصال عن زوجها.. بعد أن عادت هي و طفلتها ذات العامين إلى غرفتها القديمة.. بعد أن أصطحبتها معها وعادت مرة أخرى لتعيش ثانية فى بيت أبيها!!

أيمن عبد الجواد

Monday, October 6, 2014

الحشيش لو حلال ادينا بنشربه و لو حرام ادينا بنحرقه




الفنان: نور الشريف
فيلم: العار


 نظرية ابتدعناها حتي من قبل ما تتقال في الفيلم.. ويمكن يكون الواقع المر هو اللي أوحى لصناع الفيلم بفكرته وشخصياته وحدوته وجمله.. وللأسف اتفنّنا في تحليل وتحريم ما نريد وما لا نريد... بالرغم من إن الحق بيّن..مش محتاج تفسير ولا تعريف ولا شهادات علمية.. لأن مزروع جوّانا..جوه نظامنا الإنساني زي "مونيتور" أو جهاز إنذار اسمه الضمير.. بينور أول ما بنغلط.. وبنحس معاه بالضلمة والخوف وعدم الراحة والميل للكذب وإخفاء الواقع وإيجاد حلول سريعة ندلس بيها ع الفساد اللي حصل في قلبنا..وابتدعنا المسكنات اللي تهدي جهاز الإنذار ده..من أمثال الكدبة البيضة ..أو إننا ندفع تمن للهروب من أخطاءنا..و إلى آخر السكة دي.. محتاجين لحظة صدق مع نفسنا.. محتاجين نرجع صوت الضمير يعلى من غير ما نسكته.. محتاجين عملية جراحية تخلي قلبنا ينبض تاني بالتمييز بين الحق والباطل!





Friday, October 3, 2014

يا الله

يا الله.. أُناجيك وأنت أعلم بما سأبوح به لك
يا الله.. قد ضاق صدري بالهموم وملأت عيني الغيوم لكن يقيني بك يدوم
يا الله.. قد ضللت طريقي فأرشدني إلى هدّيَك
يا الله.. إني أحبك لكني مقصرة
يا الله.. لقد خلقتني من بني البشر لتجعلني خليفتك ونفخت في من روحك وكرمتني على جميع خلقك ورغم ذلك عصيتك لكن رحمتك وسعت كل شئ ومغفرتك حطت عليّ
يا الله.. أحبك ويملأ قلبي حبك اللهم أدم عليّ شعور السكينة بوجودك في قلبي
يا الله.. إبعد عني كل ما يغضبك وإبعدني عنه وقرب مني كل ما تحب و حببني فيه وقربني منه
يا الله.. ساعدني أن أعبدك كما تحب.. ساعدني أن أحيا كما تحب.. ساعدني أن أموت على ما تحب
يا الله.. أنا لا أريد إلا أن أكون كما تريد فيسر لي الطريق ونور لي بصيرتي لألحق بطريقك
يا الله.. اللهم أيقظ نفسي اللوامة واجعلها لي كالناقوس الذي يدق لينبه الجميع بالحدث قبل وقوعه
يا الله.. لي قلب يحبك ويحب من أحبك فأحببني فيما تحبه وقربني ممن تحبه


سارة عبد العليم

Wednesday, October 1, 2014

انتبه! الحياة لا ترجع إلى الخلف


كل واحد فينا بيبقى حاطت لنفسه لستّة حاجات نفسه يعملها في حياته لما يكبر، سواء مواهب عايز ينميها أو شغلانة نفسه يمتهنها. وبيحس أن الحياة قدامه كتاب مفتوح وهو عارف إمتى هيقلب كل صفحة فيها.. وتعدي الأيام ونكبر ونلاقي المجتمع مستني مننا أدوار معينة لازم نأديها في الحياة..

        البنت مثلًا.. لازم بعد ما تخلص جامعة تتجوز.. لو كبرت ومتجوزتش يبقى فيه حاجة غلط.. ولو أتجوزت لازم تخلف كأنها لو مخلفتش نظام الكون هيختل.. أما الولد بقى لازم يدخل جامعة كويسة عشان يعرف يشتغل شغلانة كويسة يجيب منها فلوس يقدر يصرف بيها على البيت والعيلة اللي لازم يكوّنها عشان ميتقلش عليها إن أخلاقه تلفانة.

وبعد ما نحقق للمجتمع متطلباته.. بيلاقوا نفسهم ضحّوا بحياتهم عشان يحافظوا على ثبات نظام المجتمع اللي هما أصلاً بيكوّنوه بنفسهم.. وبيكتشفوا أنهم محققوش الأحلام اللي كانوا محضرنها لحياتهم، وبيتصدموا في حقيقة أن الحياة لا ترجع للخلف ومش بتدينا فرصة تانية!
حلو أنك تعمل حاجات أساسية في حياتك.. بس لو إنت حاببها.. مش عشان مطلوبة منك، أو إنك لازم تعيش كده عشان الناس هيقولوا إيه ويشوفوك إزاي لو معملتش كده! وده مش معناه إنك تكره الحياة اللي إنت عايشها.. لكن إنك تعمل اللي إنت بتحبه واللي نفسك تبقاه عشان الحياة مش بتتعاد.. للأسف!

        سوزى فوزى

Tuesday, September 30, 2014

عم صلاح

الثامنة صباحاً..


   يرفع الأبواب الحديدية الثقيلة للمحل ذا الواجهتين بتأنى شديد و هو يبسمل و يصلى على النبى بصوت خفيض لا يكاد يسمع, يفتح إذاعة القرأن الكريم يمد يده و يسحب المكنسة المركونة بجانب الثلاجة الرأسية الحمراء المزينة بشعار شركة مشروبات الغازية و الموضوعة امام ماكينة التصوير القديمة و يبدأ فى كنس الرصيف و التنظيف أمام المحل بتمهل و تركيز يليق بأهمية المهمة, ثم يشرع فى جر الثلاجة من داخل المحل و وضعها بالخارج بجوار مثيلاتها الأفقية الزرقاء المزينة بشعار شركة مشروبات غازية أخرى و التى تبقى مثبتة بإطار حديدى خارج المحل طوال الوقت, و يبدأ تنظيف المحل من الداخل.
 
يستغرق عم صلاح حوالى ساعتين فى عملية تنظيف المحل الذى لا تتعدى مساحته أربعة أمتار يتخللها عمليات بيع لبعض الزبائن المستعجلين دائماً للحاق بأعمالهم , قاموس عم صلاح لا يشمل كلمة إستعجال, عم صلاح يفعل كل شئ بتمهل شديد - غالباً ما يصيبك بالملل- يظن البعض أن السبب فيه عمره الذى أوشك على السبعين, و لكن سكان المنطقة القدامى يعرفون ان الأمر لا علاقة له بالسن فهم إعتادوا على تأنيه الشديد منذ أن فتح عم صلاح مكتبته فى منتصف السبعينات , و تحولت عبر السنين الى ما هو أشبه بمينى ماركت, فى هذا الحى و الذى تزامن مع ظهور الحى نفسه, و يعرفون أيضاً ان السر فى ذلك هو تفانى و إخلاص عم صلاح فى أداء اى عمل يقوم به بإتقان شديد أياً كان حجمه او درجة أهميته حيث يخيل لمن يراه و هو مستغرق فى رص زجاجات المياه الغازية بداخل الثلاجات  بعد ان يغسل كل زجاجة على حدا بالماء جيداً و يجففها انه يعيش فى عالم منفصل قائم بذاته لاشئ فيه إلا الثلاجة و زجاجات المياه الغازية..

الثانية عشر ظهراً..


يجلس خلف الفاترينة الزجاجية المعروض فيها بعض الأدوات المكتبية من مساطر و أقلام و بعض انواع الحلوى و الشيكولاتة, يقرأ بتمعن الصحف يمسح رأسه الأصلع من حيناً لأخر ثم يمرر يده على شاربه الرفيع قبل ان يرفع من على أنفه الدقيق النظارة ذات الإطار الذهبى الذى حال لونه مع الزمن, ثم يباشر الطقس اليومى المقدس و المفضل لديه.. يسحب خرطوم المياه الطويل و يقف منتصباً كرشه الضخم يمتد أمامه بفخر و إعتزاز أمام المحل يرش الشارع بالمياه فى إستمتاع حقيقى دون ان يفرط فى إستخدام المياه خوفاً من أن يغرق أرض الشارع الترابية و يحولها الى بركة طينية, و هو يردد جملته الأثيرة :" شوية طراوة علشان ربنا يطريها علينا "..

التاسعة مساءاً..


يقف عم صلاح مقطب الوجه و كأنه طبيب يجرى عملية جراحية يصور الأوراق على ماكينة التصوير و يعد الملازم للطلبة العائدين من المجموعات و الدروس الخصوصية المتحلقين من حوله يملؤن المكان و يقفون خارج المكتبة فى مجموعات متفرقة يتصايحون و يمزحون, ينظر شزراً من آن لأخر الى التلفاز المعلق بأحد أركان المكان يبث نشرة الأخبار ثم يلتفت للطلبة المتواجدين حوله يوجه لهم بعض النصائح ثم يدعو لهم بالتوفيق..
يدخل ولد صغير لا يتجاوز الثامنة و هو ينادى على عم صلاح من وسط الطلبة ليحضر له بعض الحلوى, يترك الورق و يلتفت "مسرعاً" للصوت و الإبتسامة تعلو وجهه ثم يسألة: "أجيبلك ايه يا حبيبى؟!".
يطمئن الصبى على الكيس الذى يحتوى على الحلوى بداخلة ويمد يده الممسكة بالنقود بقوة و هو يسأل: "كام يا عمو؟"  تتسع الأبتسامة على وجه عم صلاح و هو يربت على رأس الصبى و يقول: " دول هدية منى ليك متنساش تسلملى على بابا و تقول له كل سنة و أنت طيب.." .
يراقب الصبى و هو ينطلق عائداً الى منزله فى سعادة بعد ان حصل على الحلوى.. يلتفت ليثبت الورقة المعلقة خلفه و المكتوب فيها بخط بارز كبير (الشكك ممنوع و الزعل مرفوع)..
 
 
يسأل البعض عم صلاح لماذا لا تؤجر المكتبة او تعهد بها الى أحد أبنائك و تستريح بدلاً من التعب و "وجع الدماغ" , يهز عم صلاح رأسه فى إستنكار و هو يقول لمحدثه: " ماقدرش... إبتسامة العيال الصغيرة وتصوير ورق دروس الطلبة بيحسسنى بقيمة شغلى وبيحسسنى دايماً إن الحياة فيها حاجة تستحق تعيش علشانها و من غيرها أموت..!! "


Monday, September 29, 2014

ابن الجنايني بقى ظابط يا إنجي


الفنان: أحمد مظهر
فيلم: رد قلبي


 هي دي عقدتنا من زمان نحترم مين و نحتقر مين؟  نحترم الدكتور والمهندس و القاضي وكل واحد في ايده سلطة أو عندنا طلب منه.. ونحتقر الغلبان و الجاهل و الشحات والزبال أو يصعب علينا بس. للأسف نحن لا نؤمن بعقيدة الإحترام الكامل لكل شرائح المجتمع.. يعني نص نص.. نستهزئ بالجاهل لما يتكلم.. وساعات نعظم في جهل الناس علشان هما كبار أو ذو مناصب... إحترام الشخص من إحترام المجتمعات المتقدمة.. مهما كانت هويته أو ثقافته.. او جنسه .. أو علمه.. أحترمه لأنه أخويا في الإنسانية!



Friday, September 26, 2014

رسالة لمن أحبني وسيحبني



كم أشتاق لهذا الحب الذي يشعرني بالدفء والحياة.. 

كم أشتاق لهذا القبول الذي يقوي ثقتي في نفسي وفي الحياة..

فقبولك لي بكل ما فيا من عيوب وأخطاء يمنحني الحياة والقوة..

لم أرى مثل هذا القبول الغير مشروط في حياتي من قبل..

كل ما أستطيع أن أقوله هو أن الوجود بقربك فرح..

فأنت لا تسرع في الحكم عليا أو إدانتي..

لكن تسرع في حبي وإعطائي أمل في فرص أخرى..

مش محتاجة أكون كاملة بلا عيب علشان أحيا وأتحب..

لكن محتاجة بعيوبي أشوف الحب والقبول..

مش محتاجة أكون مشهورة علشان أكون محبوبة..

ولا محتاجة أكون أجمل حد علشان تشوفني جميلة زي ما أنا..

كل ما يدهشني فكرك.. اللي عايزني أكون زي ما أنا..

من غير تزويق أو ترتيب أو إعداد أو إضافات أو أعمال..

فأنا محبوبة ومقبولة كما أنا دون أي رتوش.




جين لبيب. 

Wednesday, September 24, 2014

النظر إلي الوراء

في النظر إلى الوراء نرى ماضينا بكل ما فيه.. نرى لحظات نجاح و لحظات فشل.. نرى لحظات يأس و لحظات أمل.. نرى كفاحنا و تقصيرنا.. من خلال هذه اللحظات.. تُرسم على وجوهنا ابتسامات.. بعضها سعيد.. وبعضها حزين.. لكن.. لا يجب أن تطول نظرتنا إلى الوراء.. حتى لا تتعثر أقدامنا فوق تحديات الطريق.. فكما أننا لا ننظر إلى حاضرنا و مستقبلنا في نفس الوقت.. يجب ألا ننظر للماضي ونحن نعيش الحاضر! بالطبع من الجميل الإلتفات إلى الوراء لمجرد لمح أخطاءنا السابقة.. والتعلم منها.. فتكرار الأخطاء مضيعة للوقت..دعونا لا نقبل الشعور بالفشل إذا سقطتنا في أخطائنا ثانية.. فدائماً ما يمكننا القيام مجدداً.. و إكمال ما بدأناه من رحلات شاقة و تحديات الحياة الصعبة..
سلام سمير

Tuesday, September 23, 2014

في القطار

وأنا في القطار.. أجلس وسط وجوه لا أعرفها.. الغضبان..النعسان.. القرفان..قولت لنفسي يلا آهي تلات سعات وتعدي... لكن بعد شوية اتضح إني شخص متفائل.. دي هتبقى ولا ست ساعات.... القطار يمشي شوية وبعدين يقف شويتين... أغلبنا انتهى من قراية الجورنال للمرة الثالثة.. وبدأت أف أفة الناس.. وشوية كلام حلو من اللي متحبش تسمعه...حاولت أنام شوية وصحتني رنة تليفون رخمة صاحبه نايم والناس كلها صحيت إلا هو... ابتديت أدقق فيوشوش الناس تاني..كأني بدور على صاحب قديم من أيام المدرسة.. أو قريب من بعيد ..أو زميل مهنة.. بدور على أشخاص جوه الأشخاص يرجعولي إحساس جوايا مش مفهوم.... واكتشفت إن كل الوشوش قربت من شكل واحد.. وكأن تكاسل القطار وحد المصريين في أمر ما أخيرًا..التململ والزهق.. إن القطار لا يتحرك.. المهم بدت الناس تتكلم بصوت عالي مع بعض أو كل واحد دور علي واحد يتكلم معاه.. ده مشرف مبيعات في شركة سمنة.. ودا صاحب أرض رايح يبيعها في القاهرة.. ودي مدرسة راجعة من الأجازة ..ودا مجند راجع الوحدة ..هربان من الكمسري وقاعد في الدرجة الأولى. ..وشوية وسمعت صوت مشرف المبيعات بيكلم المجند انت في أنهي وحدة؟ بتخرج في المظاهرات؟ معاك سلاح حي ولا غاز بس؟..... كل الاسئلة.. ردها واحد..لأ ..محصلش..معرفش.. ويزهق المشرف منه ويبص علي ولد واقف جنبة..طب إنت مجند زيه؟ فبسرعة يرد الولد لأ.. فيه إحساس جوايا إنه مش بيقول الحقيقة.. كأنه مش عاوز يسمع الأسئلة دي تاني.. لأن ردودها واحدة.. لأ..محصلش..معرفش!! أمال رايح مصر تعمل إيه؟ .."أزور واحد صحبي" .. ويتداخل مع صوته صوت المدرسة من بعيد شوية.. أيوة التليفون ها يقطع شحن.. أنا هانزل الجيزة بس مش عارفة ها أوصل إمتي..ويصيح الراجل الصعيدي" "أوف.. إيه الجرف ده.. أنا مش ها الحق المصلحة اليوم ده دي حاجة مرار"... وبعد خامس ساعة تليفونات كتير بطلت ترن و الكلمة اللي بعد ألو "مش عارف إمتي".. مابقتش تتقال والناس تحس إنها خلصت شحن هي كمان ومحدش قادر يتكلم..ومع ذلك ..فيه شخص عمال يضحك ويكركع من الضحك ..من كتر التعب..مش قادر أدور راسي أبص عليه..بس متخيل إنهحاطط سماعات في ودنه وبيتفرج علي حاجه في الآي باد.. أو أي جهاز معاه..والناس بدأت تضحك علي ضحكه.. أصل فيه ناس ضحكتها بتضحك.. شوية وكمان ال اي باد خلص شحنوتخلص الوصلة الترفيهية و ترجع الناس لوصلة تانية في الكلام لكن المرة دي في السياسة .. وكأن ده الموضوع اللي الكل بيسيبه للآخر.. الورقة الأخيرة اللي الناس بتفش فيها غلها بعد ما كل الأوبشنز تخلص.. ويحتد الحديث بينهم وصوتهم يعلي لحد لما سمعت صوت عجوز خشن يقول: "مش كفايه النيلة اللي إحنا فيها دي هتزودوها إنتوا كمان.. زمان كنتم بتتخانقوا علي أيام الملك.. و أيام عبد الناصر.. وبعدين أم كلثوم و أسمهان.. و بعديها السادات و عبد الناصر..و بعدها الأهلي و الزمالك.. وبعدها مبارك والإخوان و السيسي إيه يا ناس.. إنتم ايه.. شعب ما يعرفش غير الخلاف والخناق والزعيق؟!.. هي دي التسلية الوحيدة ليكم..ما تهمدو بقى وفروا طاقتكم دي للبيت ولا للشغل.. جاتكو القرف شعب نكدي يغم".الناس بدأت تهدي فيه.. وكلام من نوعية: "حقك علينا ياحج".. "أدينا بنتكلم هو الكلام بفلوس" ..قعدت أفكر.. إزاي الشعب اللي بيقولوا عليه ابن نكتة يبقى شعب نكدي و يحب ينهي كل حواراته بالخناق؟ وليه لازم يكون يا فلان يا إما علاّن هو الصح؟!.. يعني ما ينفعش اتنين يكونوا صح في نفس الوقت؟!ما ينفعش نقول أم كلثوم كان صوتها قوي لكن أسمهان كان صوتها جميل. وننهي الكلام علىكده؟..على الحقيقة؟!! إمتي و إزاي ها نتعلم نتناقش ونتقابل في منطقة في النص؟ عارفين إمتي ها نتعلم.. "لما الشيخ حسني بتاع فيلم الكيت كات يصدّق إنه أعمي"!

-سامح جندي